مزايا شات جي بي تي متعدّدة إلّا أنّ محاكاة البشر تأتي على رأس الأولويات التي جاءت هذه الأدوات المتقدّمة كي تحققها.
فعلى الرّغم من التقدّم الكبير الذي أحرزته هذه الأدوات على عدد من المستويات، إلّا أنّ عدم قدرتها على القيام ببعض المهامّ البشرية كان دائماً مأخذاً عليها، ومع التطوّر المستمرّ في شات جي بي تي منذ ظهوره تبرز الأسئلة حول فعالية محاكاة شات جي بي للبشر ونجاحها من عدمه في هذا المجال.
منذ ظهوره إلى النّور، استحوذت مزايا شات جي بي تي على كثير من الاهتمام بالنّظر إلى تقدّمها الكبير على طريق تقليد البشر.
وسجّلت الأداة بالفعل خطوات نوعية كبيرة وغير مسبوقة مثل المحادثات التي أصبحت شبيهة بتلك التي نجريها مع البشر. وشملت محاكاة شات جي بي تي للبشر الفكاهة في بعض الأوقات أو اجتياز امتحانات على غرار الطلّاب من البشر لكنّ المستخدمين لم يصلوا إلى إجابة شافية عن السّؤال المتعلّق بمدى فعالية هذه الأدوات في تقليد البشر.
ولغايات إيجاد هذه الإجابة الشّافية خضع شات جي بي تي 4 لامتحان تورينغ الذي قام به الباحثان المتخصّصان في الّلغة وعلم الدّلالة والتعلّم الآلي في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، كاميرون جونز وبنجامين بيرغن. ويأتي هذا الاختبار الذي ظهر عام 1950 بهدف اكتشاف قدرة الحواسيب أو البرامج المختلفة على إظهار الذّكاء البشري كوسيلة حاسمة لتحديد ما إذا كانت مزايا شات جي بي تي وصلت إلى مرحلة تقليد البشر بجودة عالية.
وتشمل أبرز المجالات التي يتطرّق لها الاختبار قيام شخص بتقييم نماذج من المحادثات والاستجابات بين الإنسان والآلة دون أن يعرف أي منهما الإنسان وأيهما الآلة، وإذا لم ينجح في التمييز بينهما تكون الآلة قد نجحت في الاختبار؛ حيث يركّز الاختبار على مدى تشابهها مع الاستجابات البشرية. أظهرت نتائج الاختبار الذي تضمّن 650 مشاركاً تفاعلوا مع 1400 محادثة قصيرة بأنّ شات جي بي تي لم ينجح تماماً في تقليد البشر .
على الرّغم من أنّ شات جي بي تي 4 استطاع خداع المشاركين بنسبة هي الأعلى تصل إلى 41% إلّا أنّها لا تعني أنّ الأداة الحديثة اجتازت اختبار تورينغ بنجاح. ومنذ اختراع اختبار تورينغ يشكّك البعض به بالنّظر إلى إمكانية اجتيازه عن طريق آلة ذات ذاكرة هائلة تحفظ عبارة لكلّ موقف.
في هذا الصّدد، يرى الباحثان بأنّ شات جي بي تي 4 لا يعمل بهذه الطّريقة حيث إنّه يولّد الإجابات من خلال معرفة أنواع الكلمات التي تميل إلى اتّباع الكلمات الأخرى. ويعني ذلك بأنّ اختبار تورينغ ينطبق على أدوات الذكاء الاصطناعي الحديثة بما فيها شات جي بي تي 4؛ حيث يركّز الاختبار على قياس التّفاعل الاجتماعي والاستراتيجيات البشرية للتكيّف مع الآلة. وقد تكون نتائج الاختبار مدخلاً للعمل على تطوير أنظمة الذّكاء الاصطناعي لتجاوز التحدّيات التي حالت دون اجتياز شات جي بي تي 4 للاختبار.
وتتمّثل هذه التحدّيات في:
1- عدم معرفة شات جي بي تي بالأخبار الجارية.
2- الافتقار إلى الشّخصية البشرية.
3- الأسلوب اللّغوي رسمي جدّاً أو غير رسمي بشكل مبالغ فيه بالاعتماد على المدخلات البشرية.
ويرى الخبراء بأنّ التّطوير المستمرّ في تقنيات الذّكاء الاصطناعي ضرورية إلا أنه من المهم وضع الضّوابط اللّازمة التي تحول دون سوء استخدامها.
Your thoughts and ideas will help us deliver the best service.