كثيرون يحبّون السفر إلى درجة العشق. البعض يقول أنا أعمل لأسافر أو أعيش لأسافر!
ربما لأن في السفر حرية لا مثيل لها في الحياة اليومية أو ربما لأن حب المغامرة لا يرويه غير السفر والتنقل من بلد إلى آخر.
كل هذه أسباب لعشق السفر. واليوم أصبح السفر أسهل من أي وقت مضى، وهذا يعني أن مسؤوليتنا كمسافرين أصبحت أيضا أكبر من أي وقت آخر، خصوصاً في ظل الظروف البيئية الصعبة التي يعيشها كوكبنا. فانبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن الطيران واستخدام السيارات تساهم بشكل كبير في ظاهرة الاحتباس الحراري، والذي قد يؤدي إلى نتائج كارثية، من فقدان التنوع البيولوجي إلى الفيضانات في المدن الكبرى.
من هنا أحسّ العديد من عشّاق السفر بضرورة التفكير بما أصبح يسمى السفر الصديق للبيئة. وهذا ما يؤكده “بوكينغ” بدراسة أشارت إلى أن 6 من كل 10 أشخاص اختاروا هذا النوع من السفر أي بما نسبته 60%، وذلك استناداً إلى تجاربهم الخاصة في الطبيعة والتي شكّلت حافزاً لهم لرعاية أفضل لكوكب الأرض، ومثال عن هذه التجارب جمال الشعاب المرجانية والغابات والآثار الإيجابية التي يمكن أن تتركها “السياحة المستدامة” على سكان المناطق التي يزورنها، كذلك الآثار الإيجابية على مستوى الدولة المضيفة.
لكن إذا كنت ترغب في هذا النوع من السفر فهل يمكن الاكتفاء بحجز سكن أو مكان لإقامتك صديق للبيئة؟ بالطبع إن هذه أولى الخطوات التي يمكنك اتخاذها لتحقيق أهدافك البيئية، غير أنها ليست كافية إذ أن هناك العديد من الخطوات الأخرى، التي قد يتعين عليك اتباعها، من أجل سفرك البيئي، يمكن تعداد 8 خطوات منها على سبيل المثال لا الحصر:
إن أفضل طريقة لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون هي عدم الطيران، لكن إذا كنت مضطراً أو بحاجة لذلك فالأفضل تجنب الرحلات القصيرة، فالمعروف أن الرحلات القصيرة تتسبب من بين كل وسائل النقل المختلفة في حدوث أكبر تلوث. ذلك أن التوقف في محطات متتابعة سيجعل الرحلة أطول، وهذا يعني المزيد من المسافات المقطوعة والمزيد من الوقود المشتعل وبالتالي المزيد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وصحيح أن الرحلة القصيرة أفضل من الرحلة الطويلة للمسافر، إلا أنه من الأفضل استخدام القطار بدلاً من الطائرة. لذلك فإن تجنب الطيران هو واحد من أفضل الوسائل لتقليل انبعاثات الكربون.
إن بعض مواقع حجز تذاكر السفر هي صديقة للبيئة بأساليبها الخاصة، فإذا كنت تريد الطيران ابحث عن تلك المواقع مثل “فلايغرين” الذي يحصل على عمولة من التذاكر التي يبيعها، ويستخدمها لتعويض انبعاثات المسافر من ثاني أكسيد الكربون عبر زراعة الأشجار أو الاستثمار في مشاريع الألواح الشمسية في الهند، وبالتالي فإنه يمكنك أن تضع موازنتك الخاصة في هذا الشأن.
من الأفضل اختيار تذكرة الدرجة الاقتصادية بدلاً من درجة رجال الأعمال، ذلك أن منشورات درجة رجال الأعمال بإنشاء آثار كربونية أكبر بكثير من منشورات الدرجة الاقتصادية، كذلك فإن درجة رجال الأعمال تشغل مساحة مادية كبيرة ما يجعل الدرجة الاقتصادية أكثر كفاءة. هذا بالإضافة إلى أن صالات فئة رجال الأعمال في المطارات والمرافق الخاصة بها تتطلب كميات أكبر من المياه المستخدمة وينتج عنها كمية أكبر من النفايات بدرجة أعلى بكثير من الدرجة الاقتصادية. وهنا لا بد من الإشارة أيضاً إلى مسألة تتعلق بوزن الحقيبة إذ أن الحقائب الثقيلة ستزيد وزن الطائرة الأمر الذي سيؤدي إلى ازدياد مصروفها من الوقود وبالتالي انبعاثات أكثر من ثاني أوكسيد الكربون.
من الأفضل مشاركة أشخاص آخرين خلال التنقل، ولهذا الأمر نتائج إيجابية على صعيد خفض كلفة التنقل وأيضاً التعرف على أناس جدد، والأهم هو مشاركة الوقود مع أشخاص آخرين لأن هذا الأمر من شأنه أن يقلل من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون. كذلك هناك النقل العام أو التنقل مع المكاتب والوكالات الصديقة للبيئة، كوكالة Better Places Travel على سبيل المثال والتي توفر تجارب السفر المستدامة الراقية، وهنا نلفت انتباهك إلى أن السفر الذي يساهم في تقليل انبعاثات الكربون قد تكون له آثار إيجابية على رفاهية المجتمعات المضيفة.
تعد صناعة اللحوم، أكبر ملوث في العالم بحسب العديد من الخبراء، لذلك فإن التخلي عن استهلاك المنتجات الحيوانية كلحوم البقر والأغنام قد يقلل من انبعاثات الكربون بقدر كبير، وهذا الأمر لا يتعلق بالسفر فقط، بل إن التقليل من استهلاك اللحوم في المنزل سيكون له نتائج إيجابية على صعيد حماية البيئة.
الزجاجات البلاستيكية تعني الكثير من النفايات، لذلك فإن الأفضل هو اصطحابك لزجاجات مياه خاصة بك وإعادة استخدامها بعد تنظيفها، وقد عملت بعض الفنادق والمنتجعات السياحية على تركيب فلاتر مياه خاصة ليتسنى لزوارها إعادة ملء زجاجاتهم الخاصة.
إحدى نصائحنا هي أن تتصرف في الفندق مثلما تتصرف في منزلك وحاول التقليل قدر الإمكان من استخدام الأدوات التي تؤدي إلى الزيادة في استهلاك المياه على سبيل المثال، كذلك خذ معك أدوات التنظيف الخاصة بك في عبوات منظمة حتى لا تستخدم الأظرف الخاصة بأدوات التنظيف الموجودة في الفندق، وهي أكياس صغيرة سيؤدي استهلاكها إلى زيادة كمية النفايات، وأيضاً قم بإيقاف جهاز التلفاز وإطفاء الأنوار ومكيف الهواء لدى الخروج من الغرفة.
إن أكثر الملوثات تهديدا للبيئة هي الأكياس البلاستيكية، لذلك تجنب استخدامها والاستعاضة عنها بأكياس وحقائب يمكن أن يعاد تدويرها بسهولة، فمن المعروف أن الأكياس البلاستيكية تاخذ نحو 500 سنة حتى تتحلل لذلك إذا كنت تريد الاستمتاع بسفر يستمر لأيام لا تتسبب بتلويث البيئة لنحو 5 قرون.
وفي الختام، ربما أفضل عملية لمعرفة أهمية السفر الصديق للبيئة قد تكمن في حساب كمية الكربون المنبعثة من الأنشطة التي يقوم بها المسافر، وذلك على طريقة حساب السعرات الحرارية. إن هذه العملية الحسابية من شأنها أن تدفع بالمسافرين إلى الاهتمام بالبيئة من خلال حساب كميات الكربون المنبعثة من أنشطتهم المختلفة خلال رحلاتهم.
نتمنى لك سفر ممتع!
سوف تساعدنا أفكارك في تقديم أفضل خدمة.