يشهد عالمنا اليوم تغييرات كبيرة على عدّة أصعدة، أهمّها تلك المرتبطة بعالم الإنترنت. كيف لا وأصبح كلّ شيء يخطر على بالك متوفراً بين يديك. فبات لزاماً على الجميع في المجالات كافة، التّأقلم ومواكبة هذا العالم الذي أصبح واقعاً لا مجال للهروب منه. لكن عالم الاقتصاد الذي بدأ بالاندماج في هذه الثّورة وإن كان بشكل أبطأ من المجالات الأخرى، لم يدفع أو يساعد بالشّكل المطلوب على انخراط المؤسّسات ورجال الأعمال في هذا العالم، والأهم من ذلك أن الاقتصاد بقي مرتبطاً بأشخاص وشركات كبرى ذات تأثير عالمي. لكن تقنية جديدة برزت إلى الواجهة، قد تحدِث بالفعل ثورة خاصة في عالم الاقتصاد، هذه التقنية تعرف بال “بلوك تشاين” والتي يمكن وضعها بخانة تطبيقات المعاملات المرتبطة بالثّورة الرقمية.
بدايةً، هذه التقنية لا تشبه أي تقنية أخرى وإن كانت تتشابه معها في بعض الأمور. إنّ “بلوك تشاين” بإختصار هو سجل عالمي مراقب. هذا السّجل يضمّ كلّ المعلومات المطلوبة عن كلّ الأشخاص المسجّلين، والتي يبقى البعض منها في خانة السّري والغير قابل للنّشر. وستسمح هذه التقنية للأشخاص إنجاز جميع أنواع المعاملات التي تخطر على عقل الإنسان، ولا تنحصر في الجوانب الماليّة مثل: الحسابات الماليّة، شهادة الميلاد والوفاة، كافة أنواع السّندات والعقارات، وثيقة الزّواج…
أمّا على الصعيد الأمني، فإنّ تقنيّة “بلوك تشاين” غير قابلة للخرق أو السّيطرة عليها من قبل الحكومات والاستخبارات. الجدير ذكره أنّ تلك التقنية في تجدّدٍ وبرمجة دائمة لخدمة البشرية لأن المستقبل هو مستقبل الثّورة الرقمية. أهمّ ما يمكن قوله عن تلك التقنية هو أنّها فتحت المجال أمام أسواقٍ جديدة ورأسماليين جدد للإنخراط في عالم الاقتصاد مما سيؤدي إلى خلق أفكارٍ جديدة ٍ ذات إنتشارٍ عالمي. كما تساهم تقنيّة الـ “بلوك تشاين” في خفض تكلفة المعاملات التّجاريّة والإسراع في إنهاء كلّ تلك المعاملات المطلوبة. على صعيد المثال، كانت التّسوية الماليّة تبقى لأيام من دون الإنتهاء منها، أصبحت اليوم من خلال هذه التقنية يمكن إنجازها في ساعات قليلة. في ما يتعلّق بالتّحويلات الماليّة، بإمكان رجال الأعمال التأكّد من صوابيّتها، لأن المستخدم الذي يقوم بالتّحويل لا يمكنه إجراءها إذا لم ينل الموافقة المسبقة. كما أشرنا سابقاً، من إيجابيّات هذه التقنية أنها توفّر على أصحاب الشّركات ورجال الأعمال الكثير من الوقت والمال ومن دون جهود تذكر. حتى يومنا هذا، هناك وسطاء بين الشّركات والأشخاص لتتبّع تدفقات البضائع أو المدفوعات. أمّا مع تقنية “بلوك تشاين” أصبح بإمكان الشّركات نفسها تتبُّع كلّ الأمور وحل كلّ المشاكل العالقة من دون أي عقبات.
كلّ تلك الأمور تهمّ رجال الأعمال وتساهم في تطوّر أعمالهم كما أنّها تسهّل عليهم الكثير من المعاملات والتّحويلات المطلوبة. هذه التّقنيّة يمكن الإعتماد عليها لأنها مستقبل التّعاملات التّجاريّة والمالية. عصرنا هذا هو عصر التّكنولوجيا، فكما كانت ظاهرة الإنترنت الحدث الأبرز في أواخر التّسعينيّات، ستكون ال “بلوك تشاين” الحدث الأضخم في السنوات القادمة.
سوف تساعدنا أفكارك في تقديم أفضل خدمة.