متأثراً بإصابة والدته بالصمم، ركز الشاب الكسندر جراهام بيل الإسكتلندي أبحاثه على علم الصوتيات، ليقدم إلى البشرية إختراعه العبقري الذي عُرف لاحقاً باسم “الالياف البصرية”. بيل انطلق في البداية عبر تصميم أداة تستطيع نقل الصوت مسافة تجاوزت 200 متر عبر استخدام الضوء. هذه الأداة هي عبارة عن حزمة من الألياف، تسير بداخلها الأصوات على موجة الضوء، محققة سرعة تقترب من سرعة الضوء من دون أي خسارة في الإشارة.
وهكذا عُرف جراهام بيل باعتباره الأب الشرعي للألياف البصرية، التي تطور استخدامها بعد نحو 130 عاماً من اكتشافها من قبل العبقري الاسكتلندي، لتستخدم اليوم في نقل المعلومات عبر مسافات شاسعة، تتجاوز المحيطات والبحار وجميع العقبات التي قد تفرضها الطبيعة.
كيف تعمل هذه التقنية، وكيف يتم تصنيعها؟ يستخدم الزجاج العالي النقاء في صناعة الألياف البصرية أو الضوئية. وتتميز هذه الألياف بأنها على عكس “الكابلات” المصنوعة من النحاس، إذ يمكنها نقل الإشارة والبيانات من دون حدوث أي خلل، فالإشارات المُحّملة على الضوء تنعكس بسلاسة على الزجاج. ويتم تجميع الألياف في حزم وتبطينها بغلافٍ واقٍ من البلاستيك لحمايتها من عوامل الحر والرطوبة التي قد تؤدي لتلفها.
تدعم كابلات الألياف البصرية الكثير من أنظمة الإنترنت والتلفزيون والهاتف في العالم، ومن خلالها يمكن تحقيق سرعة عالية في نقل البيانات تصل إلى 20 جيجابت في الثانية. ولقد اكتسبت الألياف البصرية في السنوات الأخيرة إقبالاً واسعاً، حيث تستخدم في اتصالات الإنترنت المحلية. إذ تعتبر الألياف الضوئية وسيط فعال للاتصالات بسبب مرونتها، وتكمن أهميتها في اتصالات المسافات الطويلة. وتستخدم الألياف إلى جانب نقل البيانات في نقل الصور. ويجهد الباحثون في العمل على رفع سعة بث الألياف، والاتجاه نحو خدمات الحزمة العريضة، وذلك بهدف مواكبة النقل المكثف للبيانات والصوت والفيديو.
تستخدم الألياف الضوئية ليس فقط في مجال الاتصالات، بل في صناعة الكاميرات الرقمية المتعددة المستخدمة في التصوير الطبي إلى جانب الكاميرات المستخدمة في التصوير الميكانيكي.
تطورٌ جديد في عالم الإنترنت، ينتظره العالم يتمثل في التحول من الكايبل والألياف الضوئية فايبر إلى الإنترنت الفضائي عبر الأقمار الصناعية. يتمحور هذا المشروع، الذي تقدمت به لجنة الاتصالات الاتحادية الأميركية وإحدى الشركات الخاصة، حول بناء أقمار صناعية توفر اتصالات إنترنت عالية السرعة للأرض. ويصل عدد الأقمار المنوي إطلاقها قرابة 800 قمر صناعي، من شأنها أن توفر تغطية عالمية عالية السرعة للإنترنت. إذ تعتمد على أن سرعة الضوء في الفضاء أسرع بنسبة 40 في المئة من سرعته في أسلاك الألياف الضوئية.
سوف تساعدنا أفكارك في تقديم أفضل خدمة.