آراء النقاد في الرواية الرقمية
ولعل أبرز النقاد الذين تناولوا الرواية الرقمية سعيد يقطين، فقد دعا إلى ضرورة مواكبة التطور في الآداب، والمشاركة في هذا التطور؛ لآن عدم المشاركة سيجعل من تقبلنا لكل جديد أمرًا صعبًا، ويعقد آلية فهمنا له مستقبلا، ويوسع الفجوة بين ما هو كائن، وبين ما ينبغي أن يكون، أما الناقد المصري محمود الضبع، فقد أكد على أن الإبداع لا يأتي من فراغ، وأنّ تأثير هذه الوسائط الرقمية على الأدب، ما هو إلا شكل من أشكال التطور.
وهذان القولان نستشفّ منهما إلى أن هنالك ضرورة لمواكبة العصر، وعدم محاربة مثل هذا النوع الأدبي الجديد، فمثلما كان التطور من المشافهة إلى الكتابة الورقية أمرًا عاديًا، فإن التطور إلى الحالة الرقمية يعد طبيعيًا، فهذا الشكل الروائي لا يعد هدمًا للرواية التقليدية، وإنما سمة تجديدية.
وجدير بالذكر أن أمزجة القراء والمتلقين تختلف من شخص لآخر، فقد يكون هذا الشكل الروائي الجديد محببًا عند بعض القراء، ويستهويهم ويدفعهم إلى تناول هذه الأعمال الأدبية، لا سيما المتعلقين بالتكنولوجيا، فلا بد من إدراك حقيقة هيمنة التكنولوجيا في حياتنا.
وفيما يخص أهمية هذا الشكل الروائي، فهو يتجلى بأنها شكل من أشكال تطور في سياق الرواية العربية والعالمية، وأن الانطواء وعدم التجدد والاكتفاء بالتقليدي من الموضوعات والأساليب، أمر لا يقدم للعملية الإبداعية شيء، لكن لا بد من الحذر في تعاملنا معها، وضرورة رصد فجواتها وردمها حتى يستمر ويتطور.
ولا يقف التجديد على الموضوعات أو تقنيات السرد، فاختراع موضوع جديد للتناول الروائي يعد تجديدًا، وابتكار تقنيات سردية جديدة أيضًا يعد تجديدًا، لكن التجديد في أسلوب التقديم والطرح، هو إضافة حقيقية على البناء الفني، حيث إنّ إضافة الوسائط الرقمية، يعزز عنصر التشويق، الذي يعد من ركائز العملية الأدبية، فالصورة البصرية تختزل معان ودلالات، وهذا نراه واضحًا على أغلفة الروايات التقليدية لو أردنا القياس عليها.